البوابة نيوز: عن الفساد نتكلم (albawabhnews.com)
صبيحة الأربعاء الماضي 9 ديسمبر الحالي، كانت مصر ومؤسسات الدولة تحتفل مع العالم باليوم العالمي لمكافحة الفساد، وتحت شعار "مصر أقوى من الفساد"، وكل المسئولين وتحت إشراف ورعاية الرقابة الإدارية يؤكدون أن مصر تتصدى بكل قوة للفاسدين مهما كان نفوذهم.
ومن المهم أن نذكر للجميع بأنه وفي عام 2014 وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي بوضع إستراتيجية التنمية والبناء للدولة المصرية الحديثة ووضع رؤية مصر 2030، وبدأت أجهزة ومؤسسات الدولة وفي مقدمتها هيئة الرقابة الإدارية في وضع الرؤية المتكاملة لمكافحة الفساد.
وفي إطار الاحتفالات بهذه المناسبة، طافت شوارع العديد من المحافظات ماراثونات تحتفل بهذا اليوم العالمي، وفي محافظة القاهرة، جرى تنظيم مؤتمر موسع تحت شعار "متحدون على مكافحة الفساد"، شارك فيه العديد من المؤسسات والمسئولين، ودار الإفتاء، والكنيسة الأرثوذكسية وهيئة الرقابة الإدارية، وناقش مخاطر الفساد على المجتمع، والتنمية، ودور الدولة في مكافحة هذه الآفة الخطيرة.
واتفق الجميع على أن الفسادَ ظاهرةٌ تُعاني منها المجتمعات الإنسانية على اختلاف تَوَجُّهاتِها ومكوناتِها وثقافاتها وأيديولوجياتها؛ فهو آفةٌ عالمية لم يسلَم منها مجتمعٌ ولا تخلو منها دولةٌ، وتصاحبه آثارٌ ونتائجُ ضارةٌ وكارثيةٌ على المجتمعات والأفراد.
وهناك اتفاق بأن مكافحةَ الفسادِ ليست وليدةَ توجُّهٍ عالميٍّ معاصرٍ أو اتفاقيةٍ حديثةٍ، بل إن محاربته ظلت إحدى قِيَمنا الحضارية؛ نراها في شريعة الإسلام وحضارته منذ القِدَم، وهو ما أكدته دار الإفتاء، ففي إطارِ الحرص على حياة الشعوب واستقرارها أكد الإسلامُ على موقفه الرافض لكل أشكال الفساد، ونهى عنه وشدد على تحريمه وتجريمه، بل إن دستورَ الإسلامِ قد نص على أن الله عز وجل لا يحب المفسدين، وهو نفس الشيء ما يؤكده الدين المسيحي في أكثر من موضع في الإنجيل.
ونؤكد هنا على ما ذكره العديد من متخذي القرار على أن ما حققته الدولة من إنجازات في مكافحة الفساد ما كان ليتحقق إلا من خلال سيادة وطنية مخلصة وإرادة قوية توفر رؤية واضحة لتحقيق متطلبات الدولة التي تريد تحقيق تنمية مستدامة لصالح المواطنين.
وبينما يجري كل هذا الزخم والنقاش، وفي نفس اللحظة يوم الأربعاء الماضي، كانت منطقة حدائق الأهرام في الجيزة تشهد، وبالمخالفة للقانون، والتراخيص، وكل القواعد التنظيمية وبالقوة، عملية لتحويل فيلا في إحدى عمارات المنطقة، وتحديدا في "المنطقة ط"، إلى محلات، داخل منطقة سكنية، واستغاث السكان بي باعتبار أحد السكان من معارفي.
اتصلت بالفعل بالسيد المسئول – أحتفظ باسمه -، والذي استجاب بالفعل للاستغاثة، وحرك موظفيه للقيام بوقف المخالفة، ومصادرة المعدات إلى مخازن الحي، وسعد الناس، وأهالي المنطقة بهذا الإجراء السريع، والاستجابة من جهات الاختصاص وتنفسوا الصعداء، وبالفعل توجهت للسيد المسئول بشكر وتحية السكان وتحيتي، على تحركه واستجابته السريعة.
إلى هنا والأمر ممتاز، خصوصا أن الحدث واكب يوم الاحتفال بمكافحة الفساد، وسعدت جدًا بأن مصر بالفعل أقوى من الفساد، في هذه التجربة البسيطة، التي عشتها، لحظة بلحظة وأنا أتابعها من مكتبي، بالصوت والصورة.
ولكن يبدو أن دوام الحال من المحال، فلم تمر ساعتان، حتى حدثت المفاجأة، فرن هاتفي، لأجد حالة صراخ وعويل، من إحدى سكان المنطقة، واتضح أنه تمت إعادة الأبواب والمعدات، من مخازن الحي، أو من مكان آخر، وبدأت أعمال المخالفة من جديد، وعلى وجه السرعة، وتحت حماية بلطجية، في حالة تهديد مباشر.
سارعت بالسيد المسئول وأبلغته بما حدث، والذي أكد لي أن المعدات عنده في مخازن الحي، فقلت له نصًّا، ولكن التركيب قائم والجريمة تتم في وضح النهار،.. وكان أملي أن يتحرك، وأرسلت له الصور والعمال والفيديوهات التي تثبت صحة "المخالفة الجريمة"، ويرد أنا تحركت في بلاغ الأول.
ولكن سادت حالة من الصمت فسرتها بأنها تستهدف فرض فرصة لإنجاز المخالفة للدخول في دوامة أخرى، وبالفعل وبعد أن تم تثبيت الأمر الواقع، وصل موظفو الحي، ليجدوا كل شيء تمامًا، وكل ما قاموا به مصادرة سلالم العمال، وبعض المعدات البسيطة، ليدخل السكان في مرحلة البلاغات والشكاوي.
وفشلت كل محاولات السكان ومحاولاتي معهم، أن نعيد كفة الميزان لوضعها الطبيعي.. فأرسلت للسيد المسئول قائلا له: "ما جرى لا يليق أن يكون في مصر وهي تحتفل باليوم العالمي بمكافحة الفساد"، وقل لي من أخاطب غيرك لمكافحة الفساد".. طبعًا لم يصلني رد.. ولن يصلني رد.
ويبقى السؤال المهم، هل بالفعل "نحن في مصر أقوى من الفساد"؟!.. أتمنى إجابة عملية من مسئول يرضي ضميره وغيرته ومصريته عن مثل هذه الوقائع وغيرها كثيييير